السبت , تشرين الثاني 04, 2006الذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس ياسر عرفاتفي الذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات
ستبقى ذكراك خالدة في نفوسنا يا أبو عمار ويا جبل ما يهزك ريح
كلمات الرئيس مازالت محفورة في أذهان المواطنين الذين دعوا إلى السير على خطاه
أبو عمار كان أباً حنوناً حرص على توفير لقمة العيش لأبناء شعبه في أشد الأزمات
تقرير/ محمد المدهون
سيرفع شبل فلسطيني أو زهرة فلسطينية علم فلسطين عالياً خفاقاً فوق مآذن وكنائس القدس.. يريدوني قتيلاً أو طريداً أو أسيراً، وأقول لهم شهيداً.. شهيداً.. شهيداً، يا جبل ما يهزك ريح، وإني أرى النور في نهاية النفق المظلم، بهذه الكلمات كان الرئيس الراحل ياسر عرفات يعبر عن الأمل الذي بداخله رغم اشتداد الصعاب، فقد كان أبو عمار رجل الشدائد الذي اتسم بصبره الطويل وعطائه الدائم، كان يواصل الليل بالنهار ولا يعرف الكلل أو الملل، اختلف معه الكثيرون، وأيده الكثيرون، لكنهم جميعاً أحبوه ورأوا فيه العبقري الذي لم تلده أماً في هذا الزمان الذي قل فيه الرجال، حاصروه وفرضوا عليه عزلة وقاطعوه ومنعوا عنه كل أشكال الدعم لينزعوا منه تنازلاً عن القدس وعن اللاجئين، إلا أنه أبى، وقال لا من قلب كامب ديفيد، وتحدى إرادة زعيم أكبر دولة في العالم.. لم يجرؤ أحد على ما فعله الرئيس أبو عمار، لكنه كان يعي جيداً ماذا فعل، وأيقن منذ اللحظة الأولى عواقب تحديه وإصراره على التمسك بالثوابت الوطنية وعدم التفريط عن الحقوق الثابتة لشعبنا، لكنه فضل الموت على أن يتنازل عن أرض الآباء والأجداد، فحاصروه ودسوا إليه السم وقتلوه اعتقاداً منهم بأنهم سيقضون على القضية الفلسطينية، وسيتخلصون من العقبة التي كانت تواجههم وتمثل شوكة في حلقهم.. استشهد أبو عمار ولم تمت القضية، بل إن رفاق أبو عمار وأحبته حملوا الراية من بعده، وواصلوا مشواره الذي عبده بالتضحيات، واستمروا على نهجه ولم يفرطوا في أرض الآباء والأجداد، وها هي تأتي الذكرى الثانية لرحيل الأب والمعلم ومازالت القضية الفلسطينية تراوح مكانها، ولا يزال شعبنا يتعرض لأشرس وأطغى قوة في الوجود، لكنه مازال صامداً يسير على خطى ودرب القائد ياسر عرفات.
رجل الشدائد
[size=16]في غزة أحيا المواطنون ذكرى استشهاد أبو عمار كل على طريقته الخاصة، فمنهم من استذكر الرحلة الطويلة من العطاء والتضحيات التي قدمها الرئيس الراحل خلال أكثر من أربعة عقود، ومنهم من رأى فيه الرجل الأقوى في هذا العالم، والكثيرون لا يزالون يعتبروه رجل الشدائد والأقدر على التعايش مع الأزمات وتخطى الصعاب، وهناك من افتقد الأب الحنون.. في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة وقف العشرات من المواطنين ووضعوا إكليلاً من الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول، وقرأوا الفاتحة على روح الشهيد أبو عمار وشهداء فلسطين جميعاً، ورددوا الهتافات الوطنية ورفعوا أعلام فلسطين وصور الرئيس أبو عمار .[/size]
الطفلة هديل ابنة الثلاثة عشر ربيعاً تمنت أن تحقق رؤية الرئيس أبو عمار ونبوءته بأن ترفع علم فلسطين فوق مآذن وكنائس القدس، وقالت: كان الرئيس رحمه الله يردد دائماً هذه المقولة، وكنت أسمعه في كل مرة وأتخيل نفسي أقوم بهذا الدور الذي تمناه الأب الحنون الذي اتسم بالعطف والحنان، معربة عن قناعتها بأنه سيأتي هذا اليوم مهما اشتد الظلم والعدوان، مرددة قول الشاعر" فلا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر"
أما المواطن عاطف علوان فقد أكد أن الرئيس أبو عمار لم يكن رئيساً وقائداً للشعب الفلسطيني فحسب، وإنما كان أباً حنوناً لكل أبناء شعبنا، استطاع أن يضع القضية الفلسطينية على خارطة العالم بعد أن داسها الصديق والشقيق وتآمر علينا المتآمرون، مشيراً إلى أن التحديات والصعاب التي واجهت أبو عمار على مدار سنوات النضال الطويلة لم تمعنه من مواصلة المسير نحو القدس، بل إنه تحدى إرادة الشر في العالم وكل قوى الظلم، واستطاع بحنكته السياسية أن يخرجنا من الكثير من المآزق والمطبات التي وضعوها أمنامنا، وأضاف: كم نحن في حاجة اليوم إلى قائد بحنكة وعبقرية الرئيس أبو عمار، فهو رجل الأزمات.. قوي في الشدائد.. عصي على الانكسار. [/size]
[size=16]
الوحدة الوطنية
أما المواطنة ربا إسماعيل فقالت: لقد ضعنا بعدك يا أبو عمار.. فأنت الأب والأخ والصديق الوفي والقائد.. حرص على وحدة شعبنا، وكان يرددها دوماً وفي كل المناسبات، ويدعو إلى التوحد في وجه الاحتلال والعدوان، لأنه يعتبر أن الوحدة الوطنية هي الصخرة التي تتحطم عليها كل المؤامرات، وأن قوة شعبنا تكمن في وحدته، مطالبة كافة أبناء شعبنا بالمضي قدماً على خطى ونهج الرئيس أبو عمار الوحدوي، والتمترس في خندق المواجهة مع الاحتلال صفاً واحداً.
وقال الطالب عامر صلاح: إن أبرز ما يمكن أن نتعلمه من شخص الرئيس أبو عمار هو الصبر في المحن والأزمات، فقد كان متفائلاً بشكل دائم، ولم يفقد الأمل في أشد اللحظات، بل إن المحيطين به كانوا يستمدون قوتهم وصمودهم من قوة وعزيمة هذا الختيار الذي عرفناه بكوفيته السمراء مناضلاً ومكافحاً ومجاهداً من أجل وطنه وشعبه.
وتقول الطالبة ميساء عبد الرؤوف: لقد كان أبو عمار كل شيء في حياتنا، فتفتحت أعيننا على رؤيته، فكان نعم الأب والقائد.. استطاع قيادة السفينة الفلسطينية وأدار المواجهة مع المحتلين بكل شجاعة وبسالة، وحافظ على استقلال القرار الوطني الفلسطيني، وتحدى جبروت الاحتلال والمتآمرين، ودفع ثمن صموده وإصراره على التمسك بالوحدة الوطنية، فقتلوه لينالوا منه ويشفوا غليلهم من الرجل الذي أذاقهم الويلات في الكثير من معاركنا الوطنية، ولعل معركة الكرامة شاهد على ذلك.
إدارة الأزمات
ومن جهة أخرى استذكر العديد من المواطنين ما وصفوه بحنكة الرئيس وقدرته على إدارة أمور السلطة الوطنية في ظل الأزمات المالية الخانقة التي عصفت بالسلطة، حيث قال المواطن محمد عباس أن أبو عمار كان يحرص دائماً على توفير رواتب الموظفين الحكوميين، وكان يسهر الليالي من أجل توفير هذه الرواتب التي يعتبرها خطاً أحمر لا يجوز بأي حال من الأحوال المساس بها، وبالإضافة إلى ذلك لم ينس أسر الشهداء والجرحى والأسرى وفلسطينيو الشتات من عطفه وكرمه، فكان يقسّم اللقمة على الجميع حتى يأكلوا جميعاً ولا يبقى أحد جائع، لدرجة أنه على سرير الشفاء وقبل استشهاده بأيام قليلة أعطى تعليماته لوزير المالية بصرف رواتب الموظفين قبل العيد حتى يتمكن الموظفون من شراء حاجياتهم، وإدخال البسمة والبهجة في نفوس أبنائهم، وأضاف عباس: كم نحن في أمس الحاجة اليوم إلى شخص أبو عمار وعطفه وحنانه، فلو كان أبو عمار حياً لما قبل بهذا الواقع المرير الذي نعيشه، ولاستطاع منذ البداية إيجاد حلولاً لهذه الأزمة.
أما المرضى الذين حرمتهم سياسة التقشفات التي اتبعتها الحكومة من العلاج في الخارج فهم أيضاً افتقدوا أبو عمار بمزيد من الألم والمرارة، فلم يدخر الرئيس الخالد جهداً في سبيل توفير العلاج اللازم لكافة المرضى سواءً داخل الوطن، أم خارجه، ولم يكترث كثيراً لقضية تراكم الديون، بل إنه كان يعتبر العلاج حق للمريض يجب على السلطة توفيره مهما كلف ذلك من ثمن، بل امتدت رعايته الأبوية لإفساح المجال أمام المصابين بالعقم للعلاج على نفقة السلطة وإجراء عمليات زراعة أطفال الأنابيب.
وفي هذا الجانب أوضح المواطن أحمد علي " 40عاماً" أنه مصاب بعقم منعه من الإنجاب طيلة سبعة عشر عاماً من الزواج، ولم تكن حالته المادية تسمح له بإجراء عملية أطفال أنابيب، إلا أن الرئيس أبو عمار أتاح له الفرصة من خلال تغطية نفقات علاجه، حيث رزقه الله بطفلة غيرت مجرى حياته، ومازال هذا المواطن يستذكر الرئيس أبو عمار وما قدمه من تضحيات من أجل شعبه ووطنه، مؤكداً أننا في هذا الزمن نفتقد لرجل بحنكة وقدرة الرئيس أبو عمار على المواجهة وإدارة الأزمات.[/size]
[size=16]هذا ويعتقد المواطنون أن شعبنا خسر قائداً لا يعوض، وأن الأمة العربية افتقدت زعيماً تاريخياً، وأن أصدق الوفاء للرئيس أبو عمار هو السير على خطاه والحفاظ على الوحدة الوطنية التي طالما دعا إليها وحرص على تجسيدها، مطالبين كافة قوى وفصائل شعبنا بالعمل الصادق على تعزيز وتجسيد الوحدة الوطنية الحقيقية، من خلال الإسراع في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني، والخروج للعالم يداً واحدة، وصفاً واحداً.
* المصدر/ مجلة البيادر السياسي.
موضوع: الذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات 
الأربعاء مايو 07, 2008 6:05 pm
